الجسد
تعرّفي على جسدكِ عبر تحسين إدراكك لتركيبته وطبيعته، واعثري على إجابات لأكثر الأسئلة شيوعًا.
لقد تم تلقيننا خلال سنين نشأتنا أن مزايا المرأة الأخلاقية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بما يسمّى "عذريتها". لذلك نجد أنفسنا مثقلات بحمل شرف عائلاتنا على أكتافنا – أو بكلام أدق، بين أرجلنا. هذا الاعتقاد يفسح المجال لممارسات معينة مثل العمليات التي تهدف إلى ترميم "غشاء البكارة"، أو "اختبارات العذرية" أو حتى طرق العقاب المنصوص عليها في القوانين بالعديد من الدول العربية، والتي تسمح، إلى يومنا هذا، بحدوث جرائم الشرف. وبالرغم من كون الجنس مسألة شديدة الخصوصية، إلا أن المجتمع يتعامل معها كجزء من خطابه العام.
"لا تبعدي ساقيك عن بعضهما بعضًا"، "لا تستخدمي السدادات القطنية"، "إبتعدي عن الصبيان"، أبقِ نظرك منخفضًا"، "لا تلمسي نفسك"، "أوعك"، كلها عبارات تسللت إلى الحوارات المرتبطة بحياتنا الجنسية لتطغى على أفكارنا وأذهاننا طوال سنين نشأتنا، فلم يُسمح لنا باستكشاف أعضائنا التناسلية ولا حتى باستخدام أسمائها الصحيحة.
بعد بضع سنوات، تجد تلك الفتيات اللواتي نشأن على معتقدات سلبية حول كل ما يتعلق بأجسادهن ورغباتهن وحياتهن الجنسية أنفسهن على وشك الانخراط في تجربتهن الجنسية الأولى، وفجأة يُطلب منهن تغيير مسار حياتهن الجنسية بالكامل، والتخلص من سنوات تكيف اجتماعي طويلة ومن الأفكار الطاغية عليهن، ومن كل مشاعر القلق والتوتّر والخوف التي سيطرت عليهن خلال نشأتهن. الممارسة الجنسية في الحقيقة لا تقتصر على الجسد، بل ترتبط أيضًا على نحو أساسي بالعقل والحالة النفسية. فالدماغ والمهبل هما في الأساس ضمن شبكة واحدة، ويشكلان معًا نظامًا واحدًا متكاملًا. إذ بقدر ما تشعر المرأة أنها مستعدة جسديًا ولديها الرغبة في الممارسة، يجب أن يكون لديها استعداد نفسي وعقلي للخوض في الجنس.
بحسب إفادة العديد من أطباء أمراض النساء وعلماء الجنس في العالم العربي، غالبًا ما تواجه النساء في ليلة زفافهن صعوبات في الممارسة الحميمية مع أزواجهن بسبب العوائق العقلية والمخاوف تجاه الجنس. إذ كما تقول الدكتورة سامينا رحمن، طبيبة أمراض النساء والتوليد، فإن بعض النساء سوف ينخرطن في "الأنشطة الجنسية الخارجية، وربما الجنس الفموي، لكن عندما يحين وقت الإيلاج، يشعرن بالخوف والتوتّر، لتتم طمأنتهن وإقناعهن بأن هذا أمر طبيعي، والجنس مؤلم لكن لا بأس بذلك."
وهذا في الحقيقة ليس طبيعيًا. إذ من غير المفترض أن يكون الجنس مؤلمًا. الجنس يقوم على المتعة، والرغبة، والدفء، والمودة، والإثارة، واللمس، والحميمية.
الممارسة الجنسية هي إحدى التجارب الأكثر حميمية التي يمكنك اختبارها مع طرف آخر، والمرة الأولى تتميّز بفرادتها وخصوصيتها وقدسيتها. نحن لا نقترح هنا أي تغيير في القيم أو المعتقدات، ولا نشجع الممارسة قبل الزواج؛ نحن فقط نطلب تغيير الطريقة التي نتحدث ونفكر بها عن الموضوع، مما ينعكس إيجابًا على طريقة تفكيرنا وممارستنا الجنسية.
المعرفة تثير الأمواج.
كلما كنتِ أكثر اطلاعًا ودراية، تصبحين أكثر استعدادًا. وكلما استطاع عقلك وجسدك الشعور بالاسترخاء، ستحظين بمتعة أكبر أثناء الممارسة الجنسية. عليك أن تعرفي أن ممارسة الجنس للمرة الأولى هي تمامًا كأي تجربة جديدة تختبرينها لأول مرة. فكل النتائج والاحتمالات واردة.
ليس هناك أي حرج أو "عيب" في التعلم، أو في طرح الأسئلة والحصول على الإجابات التي تحتاجينها كي تشعري بأنك أصبحت على معرفة كافية واستعداد تام. والعكس هو الصحيح. وكلما عرفنا أكثر عن أجسادنا وأجساد الآخرين، بتنا أكثر استعدادًا وقدرة على خلق الحياة الجنسية التي نريد ونستحق.
لذلك، أينما كنت اليوم في رحلتك – سواء كنتِ متزوجة حديثًا أم لا، أو إذا سبق لك أن اختبرت العلاقات الجنسية غير الإيلاجية، فإننا نأمل في أن نتمكن عبر مواردنا من تزويدك ببعض المعرفة والتطمينات التي تحتاجينها في خطواتك الأولى بحياتك الجنسية.
"علموا وعلّمن البنات بأن الإحساس بالانجذاب عادي وصحّي، إذ أن تعليمهن بأن هذه الأحاسيس مشينة وعيب وخطأ سيؤذيهن، وقد يتسبب بأمراض مثل التشنج المهبلي. علينا أن نثقّف ونجهّز ونعلّم بناتنا بأن شعورهن بهذه الأحاسيس أمر عادي، وإلا سينتهي بهن المطاف في مكتبي في وقت لاحق، يبكين ويقلن 'لا أستطيع أن أمارس الجن'."
د. ديمة سالم، طبيبة نسائية
.هل وجدتِ إجاباتٍ لأسئلتك؟ أم فاتنا ذكر معلومة ما؟ شاركينا رأيك