رحلتي مع متلازمة المبيض متعدد التكيسات: كيف تعلمتُ الإصغاء إلى جسدي

الدورة

إحدى نساء فريق موج تشاركنا رحلتها مع متلازمة المبيض متعدد التكيسات، وما تعلمته عن جسدها، والأدوات التي ساعدتها على طول الطريق.

woman lying in bed

أتذكر حيرتي في عيادة الطبيب وأنا في سن الثالثة عشرة حين شكلت حيضاتي الغزيرة والمؤلمة وغير المنتظمة لغزًا محيرًا بالنسبة لي. ورغم محدودية معرفتي بهذه المسألة في ذلك الوقت، إلا أنني كنت أعلم بوجود خلل ما. وبعد فحوصات وأسئلة كثيرة نطق الطبيب أخيرًا بأربع كلمات شخصت ما كنت أعانيه: متلازمة المبيض متعدد التكيسات (PCOS).

لم أفهم تمامًا آنذاك ما تعنيه هذه المتلازمة، لكني فهمت أن حيضتي غير المنتظمة لم تكن مجرد ظاهرة عابرة. لقد شكلت متلازمة المبيض متعدد التكيسات تفسيرًا لما يحدث، لكن هذا التفسير لم يمنحني راحة البال. وكان الحل المقدّم حينها هو حبوب منع الحمل.

كنت في الرابعة عشرة من عمري حين أعطوني علبة حبوب، وقالوا إنها ستنظم دورتي الشهرية. وعلى مدى السنوات العشر التالية، بدت دورتي منتظمة بالفعل، لكن الأمر كان أشبه بوضع ضمادة مؤقتة على جرح عميق. 

حين توقفتُ عن تناول حبوب منع الحمل، شعرت بثقة وقوة، وكأنني أخيرًا أستطيع التحكم بجسدي.


في أوائل العشرينات من عمري، وبعد التزامي بحبوب منع الحمل لعشر سنوات كاملة، بدأت أتساءل إن كان الوقت قد حان للإقلاع عنها وإيجاد حل بديل، إذ إن جسمي وعلى مدى فترة طويلة بات معتمدًا على الهرمونات الاصطناعية، وأنا الآن أود معرفة حالتي الحقيقية. هذا القرار مدّني بالثقة والقوة، وشعرت أن بإمكاني أخيرًا التحكم بجسمي. لكن سرعان ما تحول شعوري إلى إحباط حين غابت حيضتي لشهور، ومن ثم لعام كامل. 

لأول مرة في حياتي، بدأت أتساءل إن كان جسدي يحاول إخباري بشيء ما.


عدتُ إلى طبيبي، الذي وبخني قائلًا إن لا علاج لمتلازمة المبيض متعدد التكيسات سوى حبوب منع الحمل. لم أرد تصديق ذلك، إذ يستحيل أن تكون حبوب منع الحمل هي العلاج الوحيد المتوفر للنساء في زمننا هذا ( عام ٢٠٢٠). ورحت أتساءل للمرة الأولى في حياتي عما إن كان جسدي يحاول إخباري بشيء ما، وإن كان لاختلال دورتي الشهرية سبب آخر.


بحثتُ كثيرًا، وطرحت الموضوع مع نساء أخريات من جميع أنحاء العالم، واستشرتُ مختلف الأطباء والاختصاصيين، فأدركت أن متلازمة المبيض متعدد التكيسات ليست مجرد اضطراب متعلق بالإنجاب، بل حالة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمقاومة الإنسولين. وكانت مفاجأتي كبيرة حين أدركت أنه خلال السنوات العشر إثر تشخيصي بالمتلازمة، لم يخبرني أحد بأن التحكم بمستويات الإنسولين قد يكون مفتاحًا لفهم متلازمة المبيض متعدد التكيسات. كما أنني عرفت أخيرًا مصدر معاناتي من الوزن الزائد، وسبب رغبتي الشديدة في تناول السكريات، ومعاناتي الكبيرة للحفاظ على مستوى طاقتي.


وفي الوقت نفسه تقريبًا، اكتشفتُ حبوب الإينوزيتول، المكمّل الغذائي الذي يحاكي تأثير الإنسولين في الجسم. وكان هذا اكتشافًا مثيرًا، إذ إن أطباء النساء حول العالم يوصون به، وهناك بحوث علمية تؤكد فاعليته. بدأت بتناول الإينوزيتول في إطار روتيني الصحي، وذلك بالترافق مع تعديل في نظامي الغذائي ومع اتباع التمارين الرياضية، وقد ركزتُ في السياق على استقرار مستويات السكر في جسمي. كما حرصتُ على زيارة طبيب مختص بمرض السكري للتأكد منه إن كان تناول الإينوزيتول بدلاً من الميتفورمين، الذي يوصف عادةً في هذه الحالة، آمن بالنسبة لي. ومع الوقت تدريجيًا عادت دورتي الشهرية إلى طبيعتها، ليس على النحو "المثالي" الذي يستغرق 28 يومًا، بل على نحو طبيعي بالنسبة لجسمي وصحتي. 


ترتبط متلازمة المبيض متعدد التكيسات ارتباطًا وثيقًا لدى بعض النساء بمقاومة الإنسولين؛ إذ يسهم الإنسولين في تنظيم استخدام السكر (الجلوكوز) في الجسم. وفي حالات مقاومة الأنسولين، يواجه جسمكِ صعوبة أكبر في استخدام السكر، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الإنسولين وتحفيز المبايض على إنتاج المزيد من الأندروجينات (مثل التستوستيرون)، مما يعطل عملية التبويض، وهذه حلقة مفرغة ستستمر إن لم يجرِ علاجها! وفي هذا الإطار يساعد الإينوزيتول في زيادة حساسية الجسم للإنسولين، مما يسهم في كسر هذه الحلقة المفرغة والتقليل من أعراض متلازمة المبيض متعدد التكيسات، كالحيض غير المنتظم، وحب الشباب، والشعر الزائد.

أدركتُ أن الحيض ليس مشكلة يجب إصلاحها، بل انعكاسًا لعمليات جسدي الطبيعي. وبدأتُ أنظر إليه كتقرير شهري عن صحتي العامة.


لقد تعلمتُ الإصغاء إلى جسمي وما يفصح عنه خلال دورتي الشهرية، وأدركتُ أن الحيض ليس مشكلة يجب إصلاحها، بل انعكاسًا لعمليات جسمي الطبيعية، وبدأتُ أرى الحيض كتقرير شهري عن صحتي العامة. هل كنت متوترة هذا الشهر؟ هل أفرطتُ في تناول الأطعمة غير الصحية أو ممارسة الرياضة؟ حيضتي في هذا السياق تمثل الدليل الأول على وجود خلل ما.

دورتي الشهرية ليست ٢٨ يومًا، بل هي كالمد والجزر، تمامًا مثل حياتي.


استغرق الأمر وقتًا طويلاً (15 عامًا بالتحديد) لكني أخيرًا أشعر بالسلام والتصالح مع جسمي. دورتي الشهرية ليست 28 يومًا، بل تحاكي المد والجزر، تمامًا مثل حياتي. حين تستمر دورتي الشهرية لـ 35 يومًا أو تختفي حيضتي شهرًا كاملًا، أعلم أن هناك اختلال ما في توازن جسمي. وبدل الشعور بالذعر، أحاول الإصغاء لجسمي كي أفهم إشاراته . هل أحتاج إلى مزيد من الراحة؟ هل بالغتُ في ممارسة التمارين الرياضية؟ ربما أحتاج لتناول المزيد من الأطعمة الصحية، أو ربما عليّ تقليص التوتر في حياتي. أيًا يكن الأمر، تعلمتُ أن جسمي يخاطبني، ومن واجبي الاهتمام بذلك والإصغاء له.

إن تم تشخيصكِ بمتلازمة المبيض متعدد التكيسات، أو شككتِ بإصابتكِ بالمتلازمة، اعلمي أنكِ لستِ وحيدة. قد تبدو الرحلة موحشة أحيانًا، خصوصًا أن أعراض المتلازمة تختلف من امرأة لأخرى، ولا يوجد علاج واحد يناسب الجميع.

تقبّلتُ أخيرًا أن دورتي لن تكون أبدًا "مثالية" ولا بأس في ذلك.

لقد تعلمتُ إدارة أعراض متلازمة المبيض متعدد التكيسات عبر تغيير نظامي الغذائي، واعتماد مكملات مثل إينوزيتول، وتخصيص روتين مناسب لممارسة تمارين رياضية تناسب جسمي ولا ترهقه. كما أنني، والأهم من ذلك كله، تقبّلتُ واقع أن دورتي لن تكون "مثالية"، ولا بأس بذلك.

لقد علمتني متلازمة المبيض متعدد التكيسات، في نهاية المطاف، الإصغاء إلى جسدي ومعاملته برقة وحنان وتقبّل، وأصبحتُ أرى أي مشكلة أعاني منها رسالة من جسمي الذي بدأتُ أخيرًا بالإصغاء إليه.

ملاحظة: المعلومات المقدمة هنا لا تُعد نصائح طبية. تأكدي من طبيب اختصاصي قبل تناول أي أدوية.

هل استفدتِ من هذا المصدر؟

.هل وجدتِ إجاباتٍ لأسئلتك؟ أم فاتنا ذكر معلومة ما؟ شاركينا رأيك

هناك خطأ! الرجاء المحاولة مرة أخرى

.شكرًا على مشاركة ملاحظاتك واقتراحاتكِ

نعمل باستمرار على مصادر جديدة، لذا لا تنسي الاشتراك في نشرتنا البريدية لنعلمكِ بكل .جديد

انشئي حسابًا
تصفّحي محتوى رحلاتنا المخصصة، وانضمي إلى مجتمعنا، واحتفظي بالمصادر، واكتشفي كل ما نقدمه.

ابدئي الآن

slim