لا تزال مجتمعاتنا العربية مكبّلة بقيود ختان الإناث، إليكِ الأسباب

الجسد

تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، أو ما يعرف بختان الإناث، ممارسة تخلف ندوبًا عميقة تمتد من الأذى الجسدي إلى المشكلات النفسية والعاطفية، وذلك دون أي منافع صحية ملموسة، الأمر الذي يتطلب منا جميعًا الاهتمام والتفكير.

female body as melting candle


لا تزال بعض مجتمعاتنا العربية مكبّلة بممارسة ختان الإناث رغم أضرارها؟

لا تزال نتائج الإحصائيات المتعلقة بتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في العالم العربي مثيرة للقلق حتى يومنا هذا، خصوصًا في أفريقيا. يوضح الرسم البياني التالي مدى انتشار ظاهرة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في القارة الأفريقية، حيث سجلت نسبة ٨٧٪ في مصر والسودان، فيما وصلت النسبة في الصومال إلى نحو ٩٨٪ عام ٢٠٢٠.

FGM Map in Africa

لنلقِ نظرة تفصيلية على ماهية هذه العملية، ونستكشف أسباب إصرار مجتمعاتنا العربية على إخضاع النساء والفتيات لهذه الممارسة الفظة.

ما هو تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، المعروف بالختان؟

يشير المصطلح إلى أي إجراء يهدف لإزالة الأعضاء التناسلية الأنثوية جزئيًا أو كليًا أو تغييرها لأسباب غير طبية. وتعتبر العملية انتهاكًا لحقوق النساء والفتيات ولأساسيات السلامة المعروفة دوليًا.

ما أنواع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية؟

تصنف منظمة الصحة العالمية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في أربعة أنواع رئيسية.

النوع الأول: استئصال رأس البظر

يستلزم هذا النوع إزالة "القلفة"، وهي الطية الجلدية التي تحيط بالبظر، أو إزالة كامل البظر في حالات نادرة.

النوع الثاني: استئصال البظر والشفرين

يتضمن هذا النوع إزالة البظر والشفرين الصغيرين جزئيًا أو كليًا، كما قد يتضمن استئصال الشفرين الكبيرين، أي شفتي المهبل الخارجيتين، في بعض الأحيان.

النوع الثالث: الختان التخييطي

هو النوع الأكثر خطورة، ويشار إليه باسم "الختان الفرعوني"، ويتضمن تخييط الشفرين الصغيرين أو الكبيرين معًا، أو قطعهما وإعادة خياطتهما معًا لتشكيل ختم يضيق فتحة المهبل، مع أو دون إزالة البظر.

النوع الرابع

أي إجراء آخر يضر بالأعضاء التناسلية الأنثوية لأغراض غير طبية، وهذا يشمل الوخز، والثقب، والشق، والكشط، وكي المنطقة التناسلية.

ما العواقب الصحية لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية؟

يحمل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أو ختان الإناث في طياته عددًا من المخاطر الصحية التي تعاني منها النساء والفتيات في أعقاب إجراء العملية، بل ولبقية حياتهن.

بداية، قد تتعرض الإناث إلى ألم شديد ونزيف مفرط يهددان حياتهن في بعض الحالات، كما يؤدي استخدام الأدوات غير المعقمة إلى زيادة المخاطر الصحية التي تتضمن مشكلات في الجهاز البولي، مثل التبول المؤلم والتهابات المسالك البولية.

وقد يتعقد التئام الجرح بسبب تكوّن الخرَّاجات والندوب، مما يسبب ألمًا مزمنًا.

كما تزداد مخاطر الإصابة بمضاعفات الولادة لدى النساء اللاتي أُخضعن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وتتضمن تلك المخاطر الحاجة لإجراء عمليات قيصرية، وحالات الولادة الخطرة، والنزيف المفرط بعد الولادة.

وقد تعاني النساء اللاتي أخضعن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية من القلق واضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب وقلة الثقة بالذات، كما تتأثر صحتهن الجنسية بشكل كبير، إذ يقل رضاهن الجنسي، ويتعرضن للألم أثناء ممارسة الجنس، وغيرها من تعقيدات العلاقة الجنسية.

لِمَ يتم إجراء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية؟

سبب إخضاع الفتيات والنساء لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية متجذّر في الرغبة بالسيطرة على حياة المرأة الجنسية. إذ يسود اعتقاد في بعض المجتمعات العربية حتى يومنا هذا بأن المرأة التي لم تخضع لختان الإناث ليست قادرة على التحكم بدوافعها الجنسية، وبذلك يكون شرفها وطهارتها على المحك، وبالتالي شرف وطهارة عائلتها. هذه الفكرة متأصلة في المجتمع لدرجة أن اللهجة المصرية، مثلًا، تشير إلى ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية باسم "الطَهور".

من هنا تطورت فكرة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية لتصبح ممارسة تقليدية متأصلة في بعض المجتمعات العربية. وقد سمعنا من نساء عربيات أن ختان الإناث ممارسة راسخة في بعض العائلات لدرجة أن عدم المشاركة به لم يعد خيارًا شخصيًا بل تحديًا للأعراف الثقافية التقليدية؛ وحتى النساء اللاتي عانين عواقب تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يصبحن مناصرات للعملية حين يأتي دور بناتهن، إذ أنهن تحت وطأة الالتزام الاجتماعي يخشون أن يؤدي رفضهن لهذه الممارسة إلى عزلهن اجتماعيًا وتقليل احتمالات زواج بناتهن في المستقبل.

تلك الشبكة المعقدة من التقاليد الثقافية، والضغوط الاجتماعية والرقابة على أجساد النساء وحياتهن الجنسية، تخلق بيئة عامة تعاند التغيير. لكن رغم كل التحديات هناك حراك متزايد لوقف ممارسات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وإنهاء دورة الانتهاكات.

.شاركتنا امرأتان من مجتمع موج، إحداهما من السودان والأخرى من مصر، قصص إخضاعهن لتشويه أعضائهن التناسلية، إليكِ شهاداتهن هنا وهنا

الجهود المبذولة لإنهاء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية

تتصدر العديد من المنظمات غير الحكومية والحركات النسوية المجتمعية طليعة حركة التغيير من خلال عملها على تعزيز الوعي بخطورة هذه الممارسات وتسهيل النقاشات المجتمعية. ففي مصر، على سبيل المثال، أنشأ المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة لجنة وطنية لمحو ممارسة ختان الإناث في مصر، وضمت اللجنة جهات حكومية وغير حكومية، فضلًا عن سلطات تنفيذية وقضائية ودينية.

وعلى نحو مماثل تهدف مبادرة "سليمة" في السودان لتغيير المفاهيم المجتمعية عن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وتعزيز مفهوم "سليمة" الذي يعني الكمال والخلو من النقص والعيب، في إشارة إلى بقاء الفتيات دون ختان.

كما تلعب الأطر القانونية دورًا حاسمًا في النضال ضد تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، ففي السنوات الأخيرة حققت دول مثل السودان تقدمًا كبيرًا في هذا الإطار عبر تجريم تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية رسميًا في عام ٢٠٢٠، واتخذت مصر أيضًا خطوات قانونية ضد ممارسات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، إذ أدرجت تعديلات على القانون في عام ٢٠١٦ تضاعف عقوبات مقترفي هذه الجريمة.

إلا أن إنفاذ هذه القوانين لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا، ويواجه مقاومة مجتمعية هائلة. ففي بعض المناطق تتم ممارسات تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بسرية وبظروف غير صحية وغير آمنة، لذا من المهم علاج السبب الجذري والعمل على إحداث تحول ثقافي يضع صحة النساء وسلامتهن وحقوقهن على رأس الأولويات.

ملاحظة أخيرة

هل تم إخضاعكِ لتشويه الأعضاء التناسلية أو لديكِ شكوك حول خضوعك لهذه الممارسة في الصغر؟ اعلمي بأن الأمل موجود وهناك مجتمع مستعد لدعمكِ واحتضانك، تواصلي معنا كي نزودكِ بالمصادر المتاحة في بلد إقامتك.

هل استفدتِ من هذا المصدر؟

.هل وجدتِ إجاباتٍ لأسئلتك؟ أم فاتنا ذكر معلومة ما؟ شاركينا رأيك

هناك خطأ! الرجاء المحاولة مرة أخرى

.شكرًا على مشاركة ملاحظاتك واقتراحاتكِ

نعمل باستمرار على مصادر جديدة، لذا لا تنسي الاشتراك في نشرتنا البريدية لنعلمكِ بكل .جديد

انشئي حسابًا
تصفّحي محتوى رحلاتنا المخصصة، وانضمي إلى مجتمعنا، واحتفظي بالمصادر، واكتشفي كل ما نقدمه.

ابدئي الآن

slim